و للرجال عليهنّ درجة

بِـسْـمِ اللَّهِ الـرَّحْـمَـنِ الـرَّحِـيـمِ

يقول الحق تبارك و تعالى:

(و لهنّ مثل الذي عليهنّ بالمعروف و للرجال عليهنّ درجة ) - البقرة:38 -

الآية قاعدة كلية ناطقة بأن المرأة مساوية للرجل في جميع الحقوق، إلا أمرا واحداً عبّر عنه الله تبارك و تعالى بقوله:
(و للرجال عليهنّ درجة)

تلك الدرجة التي اقتضاها ما أودعه الله في الرجل من زيادة القوة البدنية، و ما يستلزمه ذلك من حسن القيام بواجب المرأة، و الاستمرار في رعايتها و الإنفاق عليها، فهي درجة لا تنال من المرأة، و إنما تتقرر لحسن القيام بواجباتها، كما قال تعالى:

( الرّجال قوّامون على النّساء بما فضّل الله بعضهم على بعض و بما أنفقوا من أموالهم) - النساء: 35 -

فالدرجة ليست هي درجة السلطان أو القهر و السطوة، و إنما هي درجة القوامة التي أناطها التشريع الإسلامي بالرجل لتزيد مسؤوليته عنها و عن الأسرة، فهي ترجع في شأنها، و شأن أبنائها، و شأن منزلها إليه، تطالبه بالإنفاق، و تطالبه بما ليس في قدرتها، و بما تدبر به في شؤون حياتها و حياة أسرتها.

قال الطبري:

" و أولى الأقوال بتأويل الآية ما قاله ابن عباس، و هو أن "الدرجة" التي ذكر الله- تعالى ذكره- في هذا الموضع الصفح من الرجل لامرأته عن بعض الواجب عليها، و إغضاؤه لها عنه، و أداء كل الواجبات لها عليه."

و قال الأستاذ محمود محمد شاكر محقق تفسير الطبري:

" و لم يكتب الطبري ما كتب على سبيل الموعظة، بل كتب بالبرهان و الحجة الملزمة، و استخراج ذلك من سياق الآيات المتتابعة التي بها بيان تعادل حقوق الرجل على المرأة و حقوق المرأة على الرجل، ثم أتبع ذلك بندب الرجال إلى فضيلة من فضائل الرجولة، لا ينال المرء نبلها إلا بالعزم و التسامي، و هو أن يتغاضى عن بعض حقوقه لامرأته، فإذا فعل ذلك فقد بلغ من مكارم الأخلاق منزلة تجعل له درجة على امرأته "

بوركتِ

و فيكِ بارك الرحمن غاليتي

بارك الله فيكم